الخميس، 26 فبراير 2015

رسالة 1: إلى بذرة التفاح

عزيزي/عزيزتي تفاحة:


أكتب إليك وأنا في الأسبوع الثالث أو الرابع من مشوارنا معا، لعلك تتسائل عن سبب مناداتي لك بالتفاحة، هذا لأن أول معلومة قرأتها عنك بعدما عرفت بحملي هي أنك في هذا العمر توجد في رحمي كبذرة التفاح، ولا أخفي عليك أنها كانت معلومة مضحكة جدا بالنسبة لي، وأن هذه الضحكات بسبب حجمك كانت مناسبة جدا لمزاجي المتغير والمتدهور بفعل الهرمونات.

سأصارحك يا تفاحة.. كنت أتخيل بداية أكثر رومانسية لنا معا، كنت أعتقد أني سأنهار من الفرح، وأني سأعد لأبيك مفاجأة خاصة، وليلة لا تنسى نحتفل فيها معا باستقبال خبر وجودك في رحمي، لكن ما حدث هو أنني هلعت كثيرا، واستقبلت الخبر –الذي كان مفاجأه- بالكثير من البكاء والهلع، ذلك أني كنت أخاف عليك لما بدا علي حينها من علامات تدهور قد تشي بفقدانك أو خطر عليك..

مر خمسة أيام الآن على معرفتي بوجودك، كل يوم أزداد ألفة وهدوءا وتصالحا مع وجودك داخلي، أقرأ أكثر عن نموك، وعن احتياجاتك من الطعام والشراب، امتنعت تماما عن الشاي والقهوة والمياه الغازية يا تفاحة. تخيل؟، الأمر ليس سهلا ويحتاج لكثير من المقاومة والإصرار، وربما الحب الذي أكنه لك فيما يطلقون عليه الأمومة! لن أكذب عليك، لا زلت لا أدرك تماما معنى هذه الأمومة، ولكني أفترض أن لها علاقة ما بقدرتي على البقاء في  المنزل منذ عرفت بوجودك حفاظا عليك وخوفا من أن تكون –وأنت في حجم بذرة التفاح المسكينة- غير قادر على التمسك جيدا بجدران رحمي نتيجة لفرط حركتي وكثرة خروجي وانفعالاتي المفاجأة، هل تعتبر يا تفاحة تضحيتي هذه كبيرة أم أنني أبالغ استمرارا لحالة الدهشة التي أمر بها منذ عرفت بوجودك؟ على كل حال أنا أبتكر لنفسي الخطط والتحديات أثناء فترة تواجدي في المنزل.. الوقت ليس بهذا السوء.

فرح أباك كثيرا عندما أخبرته بنتيجة اختبار الحمل، كان يتقافز وجهه من الضحك والابتسام والدهشة وعدم التصديق، لم أكن أشاركه الفرحة في نفس اللحظة لأني كنت قلقة عليك أكثر، كنت أشعر أنك تقاوم إجهادي لتتشبث بي.. أشكرك أنك صمدت، أنت قوي وأنا لن أنسى لك هذا أبدا يا تفاحة، قوي كما يليق بزمان كفاح وتخبط وبلاد مرار وخيبة.

أتناول يوميا عدد من المكملات الغذائية والفيتامينات التي تساعد على نمو جهازك العصبي هذه الأيام، وأنتظر بفارغ الصبر أن ينبض قلبك، قالوا أن هذا يحدث في الأسبوع السادس أو السابع، أعد لنفسي أيضا عدد من الوجبات الصغيرة الغنية بالخضروات والفواكه على مدار اليوم، أحسب في كل يوم، هل وفيت باحتياجك من الكالسيوم والبروتين والفيتامين؟ وأطمأن كثيرا عندما أوفق في هذا بأقل مجهود.

يشفق أباك علينا من ثقل المسئولية في وجودك، أنا أعذره تماما، ولكنه يجتهد، ولا يكف عن التفكير في تدبير الأفضل له ولنا معه، أنا أثق به تماما. أنظر إلى وجهه النائم إلى جواري وأشعر بالفخر، نحن نكبر معا، ننضج معا، نجتاز معا عقبات الحياة ومطباتها السخيفة يد في يد وكتف في كتف، واجهنا الكثير من التحديات من قبل، وانتصرنا معا عليها. أشعر أننا مستعدين الآن لنخطو خطوة أخرى معا، ومعك.. خطوة أهم وأكبر وأجمل.

يا تفاحة.. تشبث بي جيدا، وأنا سأساعدك قدر ما استطعت. أعدك.