الاثنين، 9 مارس 2015

تحت تأثير الهرمونات

تخيل معي..

أنا أجلس الآن على كرسي الأنتريه في إضاءه هادئة ورائعة وأفتح اللاب وأنا آكل برتقالة، ثم أبدأ في البكاء، احزر لماذا أبكي الآن؟
أبكي لأني أشعر بالجوع وأريد أن يكون أمامي في هذه اللحظة مائدة طويلة عليها مكرونة رائعة بالمشروم والصوص الأبيض، وخضار سوتيه، وشوربة بروكلي أو كريمة دجاج على أقل تقدير، وكفتة بطاطس أو سبرنج رول أو كلاهما كمشهيات ولا بأس بطبق صغير من ورق العنب على سبيل الـ "نقنقة"، وصنفين أو ثلاثة من الحلويات، يفضل أن يكون أحدهما كريم كراميل، والآخر تارت بالكاستر والفاكهة..

الأزمة التي تبكيني أنه نظريا وعمليا يستحيل أن تعد مائدة مثل هذه نفسها أمامي الآن! بالإضافة إلى أني لا أجد أي طاقة بدنية أو نفسية للوقوف في المطبخ وصنع الطعام (خاصة وأن أكوام المواعين تقفز بصورتها الحقيرة إلى ذهني كلما فكرت أني على باب المطبخ).

ألا يستحق الأمر بكاء طويلا ومريرا وصادقا من القلب يا تفاحة؟

أقول لنفسي سأكتفي بالأشياء المتاحة: زبادي، بقسماط، عصير، برتقال، موز.. وسأشبع بعد قليل.

ثم أبدأ نوبة جديدة من البكاء لأني أريد بطاطس مخبوزة بصوص زبادي وزعتر..

صحيح أنه لا جديد في حبي للأكل، ولكن هذا البكاء يجعلني أشفق على نفسي وأصف نفسي بالمعتوهه قرابة الألف مرة يوميا، ثم أعود في اللحظات التي أكف فيها عن البكاء أربت على روحي وأقول لا بأس، أعرف أنها الهرمونات، كل هذا سينتهي قريبا، سأستغل الوقت.. سأستمتع، ثم فجأة أشعر بالجوع من جديد.. أو أجد أن اللاب انتهى شحنه والشاحن في غرفة أخرى، فأقول في سري "أنا ما صدقت أربع رجلي ع الكنبة وافرد البطانية واحس اني حطيت كل حاجة حواليا عشان مقومش"، فأبدأ في نوبة جديدة من البكاء.

أنتهي منها وأقوم لأحضر الشاحن، فيفاجئني الغسيل يعتلي الكرسي ويكون شبح ليلي مهيب، فأحضر مناديلي وأجلس على الأرض في صمت، أفكر في وضعي البائس الحالك، وأني بحاجة إلى تدخل مؤسسات الإنقاذ للمساعدة في حالتي المذرية.

المدهش أنه هناك لحظات -رغم ندرتها النسبية- أشعر فجأة وبلا أدنى مبرر أني في قمة السعادة والنشاط والحماس، فأقوم فورا بتطبيق الغسيل وتشغيل غسلة جديدة، وأصنع الطعام، وأغسل تلال المواعين، وأنهي ما يتراكم من عمل.. والعدل ربما يكمن في أن كل هذا العمل في الحقيقة لا يستغرق أكثر من ساعة في اليوم..!

طلب يامن مني أمس أن نشاهد معا فيلما قبل النوم، فقلت له: "لا مش عايزة.. أنا هنام"، فأصر وردد طلبه مرتين أو ثلاثة بنغمات صوتية مختلفة في محاولة لإقناعي، كل الأمر كله محاولة منه لانتشالي من كآبتي، وكانت النتيجة أني وقفت على باب الغرفة أبكي وأنا أقول "أنا عايزة أنام في سريري" مصحوبة بنوبات نواح ونهنهة متواصلة.. لا بأس لا بأس.. إنها الهرمونات من جديد.

على كل حال.. أنا أكتب لك ليس فقط على سبيل الفضفضة والمشاركة، ولكني كنت أحاول أن ألهي نفسي عن التفكير في الطعام، ولكني أفكر في طبق المكرونة مع كل سطر.. فلا مفر.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق